بحـث
دخول
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 74 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 74 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحثلا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 385 بتاريخ الخميس أكتوبر 24, 2024 10:06 am
العولمه وأخطارها على المجتمع الاسلامي ...........
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
العولمه وأخطارها على المجتمع الاسلامي ...........
إن الطموح إلى إقامة نظام من التعاون الدولي أكثر تماسكا ، والرغبة في إقامة مجتمع عالمي سياسي وثقافي وقيمي استقطب أفكار السياسيين والمفكرين على مدى زمن بعيد (1). وقد سبق ظهور هذا الطموح ظهور النظام العالمي الحديث أو ما يسمى (بالهيمنة التفاؤلية)، زيادة عن ظهور العولمة المعاصرة التي انتشرت في بداية القرن الواحد والعشرين أو " القرن الأمريكي " (كما يسميه البعض حاليا) بشكل مفرط في الخطاب السياسي والاقتصادي والإعلامي والثقافي والتربوي.
لقد أصبحت كلمة " العولمة " محل اهتمام في كل نقاشات العلوم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. وحتى في النقاش العام في كل المجتمعات على اختلاف معتقداتهم الدينية و مراكزهم الحضارية، ومستوياتهم الاقتصادية. يتجادل الناس حولها، يتآلفون بها ويتخاصمون من أجلها، وكأنها ملك لهم جميعا يجب المحافظة عليها والدفاع عنها، أوكأنها تتصل بمصالحهم ومشاعرهم وعقائدهم اتصالا مباشرا لا يجوز التغاضي عنها، أو كأنها شر يجب محاربته ومقاومته والتخلص منه لأنه يتعارض مع مصالحهم ويهدد وجودهم ويدمر كيانهم.
إن مؤلفات كثيرة، ودراسات متنوعة برزت خلال السنوات الأخيرة درست العولمة كظاهرة عالمية جديدة مثل: " صدام الحضارات " لهنتجتون، و" صعود وهبوط الإمبراطوريات" لبول كندي ، و" نهاية التاريخ " لفوكاياما ، و" فخ العولمة " لهانس .ب.مارتين وه.شومان ، و" الكونية الجذرية لا العولمة المترددة" لفريد هاليداي. وهناك مؤلفات ومقالات تعد بالمئات لاحت في فضاء القرن الواحد والعشرين جاءت ضمن السياق الحضاري الحديث لفهم العولمة الكوكبية أو الكونية الجذرية، باستكشاف حقائقها وفهم أوهامها، إلا أن عدم دقة مفهومية ماذا يقصد بها ، وما لذي يراد "تعولمه" يبقى السمة الغالبة.
وتجدر الإشارة هنا أنه قبل ظهور مصطلح العولمة عرفت الساحة الفكرية مفاهيم متصلة بها أو قريبة منها، فكانت بمثابة مؤشر من مؤشرات ظهورها. فقد تداول الناس قبلها مصطلح " التدويل " ومصطلح "النظام الدولي الجديد " وغيرها من المفاهيم التي لم تعمر طويلا، ولم يمتد مداها بعيدا حتى ظهر مفهوم "العولمة" الذي ألقى بضلاله على المفاهيم السابقة، وأزاحها من بؤرة الاهتمامات الفكرية، ومن واقع الممارسات الفعلية.
إن الواقع يثبت أن مدلول المفاهيم يتغير بتغير الواقع الذي تعبر عنه أو بتغير المصالح التي ترتبط بها. فقد تكون هذه المفاهيم غامضة تخفي خلفها معان ومدلولات كثيرة، وقد تكون واضحة تعبر عن مصالح محددة تخفي حقيقة الأشياء التي تدل عليها بحيث يكون هدفها تزييف صورة الواقع في الذهن وتضليل الوعي .
وبناء على هذا تصبح الأسئلة التالية مشروعة: فهل تحمل العولمة في أعماقها مشروع الانبعاث الحضاري الجديد تبشر به الإنسانية بالجنة الموعودة ؟ أم هي صورة تضليلية لتزييف حقيقة القهر والاستلاب؟. وهل هي حركة تحريرية أم استعمارية ؟ وهل يقود "التعولم" إلى الاستقلالية والذاتية أم إلى الانقياد والتبعية؟ وهل ستساعد العولمة من تحضر الأمة العربية والإسلامية أم ستضاعف من تخلفها؟
العولمة وعودة الحروب بين الأمم.
إن الدارس لمختلف المؤلفات التاريخية والبحوث الأكاديمية ، والمتتبع للندوات الفكرية التي درست وحللت حقيقة العولمة بصورة موضوعية، قصد الوقوف على أبعادها وفهم أهدافها يكشف الغموض الذي يكتنفها والصور التضليلية التي تظهرها والحقيقة الخفية التي تحملها في أعماقها. إن توقعات المحللين والمختصين تميل، في الألفية الجديدة، إلى التنبؤ بمستقبل إيجابي يقوم على الحوار الحضاري والسلام العالمي والازدهار الاقتصادي وثورة المعلوماتية واقتحام الفضاء بشكل أوسع وأسرع. وفي مقابل هذا برز اتجاه معاكس يشير إلى احتمال زيادة الصراع الحضاري، ونشوب الحروب، وزيادة التوترات العالمية وتفاقم الأزمات(3)، وارتفاع ظاهرة الفقر ، وزيادة انتشار الأمية، مما يعني أن "العولمة" حربا جديدة. إن التطور الذي عرفته مجالات كل من الاقتصاد ، والعلم ، والتربية هو نتاج الصراع والتحديات بين الدول ؛ أي أنه نتاج الحروب (4 ) التي لم تختف أخطارها ومظاهرها وآثارها من أفق العالم، حيث ما تلبث هذه الأخطار والمظاهر والآثار تتراجع نسبيا حتى تعاود الظهور من جديد وبأشكال جديدة أشد خطورة على الإنسانية من ظاهرة الاستعمار. وكأن كل قرن من الزمن هدفه توريث الحروب للقرن المقبل لتبقى حركة الحروب في صورها المختلفة تقود حياة الشعوب.
من هنا فإن العولمة القائمة على الصراع والاضطهاد باتت تفرّخ أشكالا جديدة من الحروب، أي أشكالا جديدة من الجرائم المقننة ضد الشعوب. فهي بهذا المفهوم لا تعدو أن تكون مجرد حركة قهرية استعمارية جديدة، أو دورة من دورات الصراع الحضاري والديني بين الشعوب. هذا الصراع الحربي الذي انتقل في هذا العصر من صيغة الصراع بالحقد والكراهية واستعمال الوسائل الحربية القاتلة إلى صيغة القتل بالمحبة والمودة، وهي صيغة من صيغ القتل البطيء، بأسلوب حربي جديد. وهو أسلوب يفرض على الأمم المستضعفة أن تتولى قتل نفسها بنفسها بسلاح (التصدير الحضاري ) ؛ أي بالإنتاج العلمي والغزو الثقافي والفكري، وباستعارة النظم التربوية وقيم الحضارة الغربية، بحكم تفوقها الحضاري وتطورها التكنولوجي وثرائها المادي، وباستعمال آليات ومبادئ مضللة يقال ظلما إنها تعمل على توحيد الأمم وترقيتها تحت مضلة مبادئ الحضارة الإنسانية المشتركة.
إن منطق التضليل الهيمني وعودة الحرب "المعولمة" قد لا يبدو واضحا مرئيا لمن لا يعرف حقائق تاريخ المجتمع العربي والإسلامي في صراعه مع قوى الكفر والاستعمار، كما قد لا يبدو واضحا مرئيا أيضا لمن لا يعتبر بما جاء به القرآن في شأن اليهود والنصارى ، وفي شأن مكرهم وخداعهم وعدائهم الدائم للإسلام وللمسلمين.
إن الحقائق القرآنية تؤكد في مواضع كثيرة بأن عدو الأمة الإسلامية يبقى عدوا يمارس عداءه خفية وعلانية مهما تظاهر بالمودة والأخوة والسلم والحلم، فهو لا يعمل على تحضّر المسلمين ونفعهم ورعاية مصالحهم وحماية حقوقهم. بقدر ما يعمل على تخلفهم والاعتداء عليهم وقهرهم. بل انه لا يرضى عنهم أخوة أو أصدقاء إلا إذا اتبعوا ملته وأهواءه، وتخلوا عن عقيدتهم وتنكروا لأصالتهم كما نقرأ ذلك في قوله تعالى ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم مالك من الله من ولي ولا نصير [ سورة البقره .الآية :120 ].
وانطلاقا من العبر التاريخية ومن الواقع المر الذي تمر به الأمة العربية والإسلامية في صراعها مع قوى السر والكفر والطغيان. فهل يمكن اعتبار ما تحمله العولمة وما تدعو إليه وما تعد به الأمم الأخرى حضارة إنسانية شاملة تغدق على جميع المجتمعات بالرخاء الاقتصادي والثراء المالي والتطور العلمي والتكنولوجي كما يدعي منظروها؟ أم هل يمكن اعتبارها دورة جديدة من دورات تاريخ الاستعمار. وعودة الحروب ضد الإسلام والمسلمين كما تبدو واقعيا، وكما يُتوقع لها مستقبلا؟ وهل تحمل مشروعا حضاريا إنسانيا، أم أنها مجرد سيناريو خيالي يُعرض بآليات وأدوات دقيقة وكأنه حقيقة ؟
إن واقع العالم العربي والإسلامي الآن يوحي أن ما تعد به " العولمة " المجتمعات العربية والإسلامية ليس ما تظهره من أساليب المعاملات وتبادل الزيارات، وإبرام الاتفاقيات، ومنح القروض والمساعدات، وتمديد آجال تسديد الديون أو إلغائها في بعض الحالات، وغيرها من الأساليب والممارسات. بل هو ما تخفيه من حقيقة القهر والاستلاب الحضاري والتغريب الهوياني. هكذا يكون الوجه الحقيقي لها هو الوجه الخفي منها، وليس المظهر التمثيلي الانخداعي لها.
وعليه فإنه مهما اتفقت الآراء أو اختلفت حول ما تحمله " العولمة " من دلالات مرئية أو خفية فهي لا تخرج عن كونها حضارة الهيمنة وثقافة القهر وأيديولوجية الصراع، وصيغة جديدة لاستعمار جديد ذو قطب واحد سلاحه المال والتكنولوجيا الحديثة، هدفه استعباد الأمة العربية والإسلامية واستصغار وجودها. إن القوى الغربية بهيمنتها الحضارية أصبحت تنظر إلى الأمة العربية والإسلامية بنظرة الاستكبار والاستعلاء وتتعامل معها بأسلوب الاحتقار والاستهزاء، وكأنها ليست كباقي الأمم الأخرى ، أوانها أقل الأمم شأنا إنسانيا وأدناها وزنا حضاريا.
وانطلاقا من هذه الإشارات ينبغي أن ننظر إلى "العولمة " على أنها فخ نصب لاصطياد المجتمعات المهزومة حضاريا والمقهورة ذاتيا، ولا تملك أية مقاومة إلا الدخول في المصيدة والخضوع لإرادة الصياد. و اصطياد المجتمعات التي استيقظ فيها الوعي لإثبات وجودها، فأبدت إرادة المقاومة والدفاع عن كيانها وهويتها الحضارية.
إن ما تهدف إليه العولمة الغربية في سياق الهيمنة والقهر هو استصغار وجود الأمم واحتقارها، وتصغير سعة العالم واحتوائه وتنميط الحياة فيه تنميطا غربيا، وتحويل فضاء الكرة الأرضية إلى جزيرة ذات جنسية موحدة ( عقيدة وثقافة واقتصادا وعُملة وعلما ولغة ) تختفي منها الحدود الجغرافية والمسافات الزما نية والمكانية، وتضمر فيها الخصائص والمقومات الذاتية المميزة للمجتمعات، لاسيما منها المجتمعات العربية والإسلامية، التي أصبحت تمثل المحور المركزي في دائرة الصراع الحضاري العالمي المعاصر.
تجليات تأثير العولمة على التربية في المجتمعات العربية والإسلامية.
إن صورة العولمة المبنية على منطق القوة والهيمنة والقهر، والقائمة على فكرة (( من ليس معي فهو ضدي ، ومن هو ضدي فهو عدوي ، ومن هو عدوي فيجب قهره )) تدرك أن احتواء المجتمعات وقهرها لا يتم إلا بهدم أسس بنائها، وأن الإسمنت المسلح لذلك البناء يتمثل في النظام التربوي المتأصل فيها، والنابع من أصالتها والحامي لقيمها، لذلك اتخذ (العولميون) من مجال التربية والتعليم مجالا رئيسيا لتسويق المعرفة " المعولمة " وترسيخ أفكارها، وتحقيق أهدافها. ويتجلى ذلك واقعيا فيما تمارسه الدول الغربية من أساليب الترغيب والترهيب على بعض الدول العربية والإسلامية لتغيير المناهج التربوية بحجة " التجديد والإصلاح" طبقا لرؤيتها واقتضاء لإرادتها ولمصالحها الخاصة ، وليس اقتضاء لحاجات المجتمعات التي توجد فيها. وتتخذ في ذلك ذرائع ملتوية وحجج مضللة تارة بإغراءات العولمة والحداثة ومجاراة التطور الحضاري ، وتارة بمحاربة الأفكار المتطرفة المعادية للشعوب الأخرى، والتي لا تترك العلم يعيش في سلام ووئام. وليس المقصود من هذا التغيير والتجديد سوى تفريغ مضامين الأهداف التربوية ومحتوى المناهج التعليمية من البعد القيمي الأصيل فيها، لأن ذلك يشكل مصدر خطر وإزعاج لمصالح الدول الغربية ولأهدافها في العالم العربي والإسلامي(5)..
لقد أصبحت كلمة " العولمة " محل اهتمام في كل نقاشات العلوم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. وحتى في النقاش العام في كل المجتمعات على اختلاف معتقداتهم الدينية و مراكزهم الحضارية، ومستوياتهم الاقتصادية. يتجادل الناس حولها، يتآلفون بها ويتخاصمون من أجلها، وكأنها ملك لهم جميعا يجب المحافظة عليها والدفاع عنها، أوكأنها تتصل بمصالحهم ومشاعرهم وعقائدهم اتصالا مباشرا لا يجوز التغاضي عنها، أو كأنها شر يجب محاربته ومقاومته والتخلص منه لأنه يتعارض مع مصالحهم ويهدد وجودهم ويدمر كيانهم.
إن مؤلفات كثيرة، ودراسات متنوعة برزت خلال السنوات الأخيرة درست العولمة كظاهرة عالمية جديدة مثل: " صدام الحضارات " لهنتجتون، و" صعود وهبوط الإمبراطوريات" لبول كندي ، و" نهاية التاريخ " لفوكاياما ، و" فخ العولمة " لهانس .ب.مارتين وه.شومان ، و" الكونية الجذرية لا العولمة المترددة" لفريد هاليداي. وهناك مؤلفات ومقالات تعد بالمئات لاحت في فضاء القرن الواحد والعشرين جاءت ضمن السياق الحضاري الحديث لفهم العولمة الكوكبية أو الكونية الجذرية، باستكشاف حقائقها وفهم أوهامها، إلا أن عدم دقة مفهومية ماذا يقصد بها ، وما لذي يراد "تعولمه" يبقى السمة الغالبة.
وتجدر الإشارة هنا أنه قبل ظهور مصطلح العولمة عرفت الساحة الفكرية مفاهيم متصلة بها أو قريبة منها، فكانت بمثابة مؤشر من مؤشرات ظهورها. فقد تداول الناس قبلها مصطلح " التدويل " ومصطلح "النظام الدولي الجديد " وغيرها من المفاهيم التي لم تعمر طويلا، ولم يمتد مداها بعيدا حتى ظهر مفهوم "العولمة" الذي ألقى بضلاله على المفاهيم السابقة، وأزاحها من بؤرة الاهتمامات الفكرية، ومن واقع الممارسات الفعلية.
إن الواقع يثبت أن مدلول المفاهيم يتغير بتغير الواقع الذي تعبر عنه أو بتغير المصالح التي ترتبط بها. فقد تكون هذه المفاهيم غامضة تخفي خلفها معان ومدلولات كثيرة، وقد تكون واضحة تعبر عن مصالح محددة تخفي حقيقة الأشياء التي تدل عليها بحيث يكون هدفها تزييف صورة الواقع في الذهن وتضليل الوعي .
وبناء على هذا تصبح الأسئلة التالية مشروعة: فهل تحمل العولمة في أعماقها مشروع الانبعاث الحضاري الجديد تبشر به الإنسانية بالجنة الموعودة ؟ أم هي صورة تضليلية لتزييف حقيقة القهر والاستلاب؟. وهل هي حركة تحريرية أم استعمارية ؟ وهل يقود "التعولم" إلى الاستقلالية والذاتية أم إلى الانقياد والتبعية؟ وهل ستساعد العولمة من تحضر الأمة العربية والإسلامية أم ستضاعف من تخلفها؟
العولمة وعودة الحروب بين الأمم.
إن الدارس لمختلف المؤلفات التاريخية والبحوث الأكاديمية ، والمتتبع للندوات الفكرية التي درست وحللت حقيقة العولمة بصورة موضوعية، قصد الوقوف على أبعادها وفهم أهدافها يكشف الغموض الذي يكتنفها والصور التضليلية التي تظهرها والحقيقة الخفية التي تحملها في أعماقها. إن توقعات المحللين والمختصين تميل، في الألفية الجديدة، إلى التنبؤ بمستقبل إيجابي يقوم على الحوار الحضاري والسلام العالمي والازدهار الاقتصادي وثورة المعلوماتية واقتحام الفضاء بشكل أوسع وأسرع. وفي مقابل هذا برز اتجاه معاكس يشير إلى احتمال زيادة الصراع الحضاري، ونشوب الحروب، وزيادة التوترات العالمية وتفاقم الأزمات(3)، وارتفاع ظاهرة الفقر ، وزيادة انتشار الأمية، مما يعني أن "العولمة" حربا جديدة. إن التطور الذي عرفته مجالات كل من الاقتصاد ، والعلم ، والتربية هو نتاج الصراع والتحديات بين الدول ؛ أي أنه نتاج الحروب (4 ) التي لم تختف أخطارها ومظاهرها وآثارها من أفق العالم، حيث ما تلبث هذه الأخطار والمظاهر والآثار تتراجع نسبيا حتى تعاود الظهور من جديد وبأشكال جديدة أشد خطورة على الإنسانية من ظاهرة الاستعمار. وكأن كل قرن من الزمن هدفه توريث الحروب للقرن المقبل لتبقى حركة الحروب في صورها المختلفة تقود حياة الشعوب.
من هنا فإن العولمة القائمة على الصراع والاضطهاد باتت تفرّخ أشكالا جديدة من الحروب، أي أشكالا جديدة من الجرائم المقننة ضد الشعوب. فهي بهذا المفهوم لا تعدو أن تكون مجرد حركة قهرية استعمارية جديدة، أو دورة من دورات الصراع الحضاري والديني بين الشعوب. هذا الصراع الحربي الذي انتقل في هذا العصر من صيغة الصراع بالحقد والكراهية واستعمال الوسائل الحربية القاتلة إلى صيغة القتل بالمحبة والمودة، وهي صيغة من صيغ القتل البطيء، بأسلوب حربي جديد. وهو أسلوب يفرض على الأمم المستضعفة أن تتولى قتل نفسها بنفسها بسلاح (التصدير الحضاري ) ؛ أي بالإنتاج العلمي والغزو الثقافي والفكري، وباستعارة النظم التربوية وقيم الحضارة الغربية، بحكم تفوقها الحضاري وتطورها التكنولوجي وثرائها المادي، وباستعمال آليات ومبادئ مضللة يقال ظلما إنها تعمل على توحيد الأمم وترقيتها تحت مضلة مبادئ الحضارة الإنسانية المشتركة.
إن منطق التضليل الهيمني وعودة الحرب "المعولمة" قد لا يبدو واضحا مرئيا لمن لا يعرف حقائق تاريخ المجتمع العربي والإسلامي في صراعه مع قوى الكفر والاستعمار، كما قد لا يبدو واضحا مرئيا أيضا لمن لا يعتبر بما جاء به القرآن في شأن اليهود والنصارى ، وفي شأن مكرهم وخداعهم وعدائهم الدائم للإسلام وللمسلمين.
إن الحقائق القرآنية تؤكد في مواضع كثيرة بأن عدو الأمة الإسلامية يبقى عدوا يمارس عداءه خفية وعلانية مهما تظاهر بالمودة والأخوة والسلم والحلم، فهو لا يعمل على تحضّر المسلمين ونفعهم ورعاية مصالحهم وحماية حقوقهم. بقدر ما يعمل على تخلفهم والاعتداء عليهم وقهرهم. بل انه لا يرضى عنهم أخوة أو أصدقاء إلا إذا اتبعوا ملته وأهواءه، وتخلوا عن عقيدتهم وتنكروا لأصالتهم كما نقرأ ذلك في قوله تعالى ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم مالك من الله من ولي ولا نصير [ سورة البقره .الآية :120 ].
وانطلاقا من العبر التاريخية ومن الواقع المر الذي تمر به الأمة العربية والإسلامية في صراعها مع قوى السر والكفر والطغيان. فهل يمكن اعتبار ما تحمله العولمة وما تدعو إليه وما تعد به الأمم الأخرى حضارة إنسانية شاملة تغدق على جميع المجتمعات بالرخاء الاقتصادي والثراء المالي والتطور العلمي والتكنولوجي كما يدعي منظروها؟ أم هل يمكن اعتبارها دورة جديدة من دورات تاريخ الاستعمار. وعودة الحروب ضد الإسلام والمسلمين كما تبدو واقعيا، وكما يُتوقع لها مستقبلا؟ وهل تحمل مشروعا حضاريا إنسانيا، أم أنها مجرد سيناريو خيالي يُعرض بآليات وأدوات دقيقة وكأنه حقيقة ؟
إن واقع العالم العربي والإسلامي الآن يوحي أن ما تعد به " العولمة " المجتمعات العربية والإسلامية ليس ما تظهره من أساليب المعاملات وتبادل الزيارات، وإبرام الاتفاقيات، ومنح القروض والمساعدات، وتمديد آجال تسديد الديون أو إلغائها في بعض الحالات، وغيرها من الأساليب والممارسات. بل هو ما تخفيه من حقيقة القهر والاستلاب الحضاري والتغريب الهوياني. هكذا يكون الوجه الحقيقي لها هو الوجه الخفي منها، وليس المظهر التمثيلي الانخداعي لها.
وعليه فإنه مهما اتفقت الآراء أو اختلفت حول ما تحمله " العولمة " من دلالات مرئية أو خفية فهي لا تخرج عن كونها حضارة الهيمنة وثقافة القهر وأيديولوجية الصراع، وصيغة جديدة لاستعمار جديد ذو قطب واحد سلاحه المال والتكنولوجيا الحديثة، هدفه استعباد الأمة العربية والإسلامية واستصغار وجودها. إن القوى الغربية بهيمنتها الحضارية أصبحت تنظر إلى الأمة العربية والإسلامية بنظرة الاستكبار والاستعلاء وتتعامل معها بأسلوب الاحتقار والاستهزاء، وكأنها ليست كباقي الأمم الأخرى ، أوانها أقل الأمم شأنا إنسانيا وأدناها وزنا حضاريا.
وانطلاقا من هذه الإشارات ينبغي أن ننظر إلى "العولمة " على أنها فخ نصب لاصطياد المجتمعات المهزومة حضاريا والمقهورة ذاتيا، ولا تملك أية مقاومة إلا الدخول في المصيدة والخضوع لإرادة الصياد. و اصطياد المجتمعات التي استيقظ فيها الوعي لإثبات وجودها، فأبدت إرادة المقاومة والدفاع عن كيانها وهويتها الحضارية.
إن ما تهدف إليه العولمة الغربية في سياق الهيمنة والقهر هو استصغار وجود الأمم واحتقارها، وتصغير سعة العالم واحتوائه وتنميط الحياة فيه تنميطا غربيا، وتحويل فضاء الكرة الأرضية إلى جزيرة ذات جنسية موحدة ( عقيدة وثقافة واقتصادا وعُملة وعلما ولغة ) تختفي منها الحدود الجغرافية والمسافات الزما نية والمكانية، وتضمر فيها الخصائص والمقومات الذاتية المميزة للمجتمعات، لاسيما منها المجتمعات العربية والإسلامية، التي أصبحت تمثل المحور المركزي في دائرة الصراع الحضاري العالمي المعاصر.
تجليات تأثير العولمة على التربية في المجتمعات العربية والإسلامية.
إن صورة العولمة المبنية على منطق القوة والهيمنة والقهر، والقائمة على فكرة (( من ليس معي فهو ضدي ، ومن هو ضدي فهو عدوي ، ومن هو عدوي فيجب قهره )) تدرك أن احتواء المجتمعات وقهرها لا يتم إلا بهدم أسس بنائها، وأن الإسمنت المسلح لذلك البناء يتمثل في النظام التربوي المتأصل فيها، والنابع من أصالتها والحامي لقيمها، لذلك اتخذ (العولميون) من مجال التربية والتعليم مجالا رئيسيا لتسويق المعرفة " المعولمة " وترسيخ أفكارها، وتحقيق أهدافها. ويتجلى ذلك واقعيا فيما تمارسه الدول الغربية من أساليب الترغيب والترهيب على بعض الدول العربية والإسلامية لتغيير المناهج التربوية بحجة " التجديد والإصلاح" طبقا لرؤيتها واقتضاء لإرادتها ولمصالحها الخاصة ، وليس اقتضاء لحاجات المجتمعات التي توجد فيها. وتتخذ في ذلك ذرائع ملتوية وحجج مضللة تارة بإغراءات العولمة والحداثة ومجاراة التطور الحضاري ، وتارة بمحاربة الأفكار المتطرفة المعادية للشعوب الأخرى، والتي لا تترك العلم يعيش في سلام ووئام. وليس المقصود من هذا التغيير والتجديد سوى تفريغ مضامين الأهداف التربوية ومحتوى المناهج التعليمية من البعد القيمي الأصيل فيها، لأن ذلك يشكل مصدر خطر وإزعاج لمصالح الدول الغربية ولأهدافها في العالم العربي والإسلامي(5)..
عاشق الورد- ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
-
عدد المساهمات : 1189
تاريخ التسجيل : 28/05/2009
العمر : 39
رد: العولمه وأخطارها على المجتمع الاسلامي ...........
شكرااا مع انو الموضوع طويل بس شكراا الك ع المجهود ....
اياد الدغامين- ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
-
عدد المساهمات : 211
تاريخ التسجيل : 09/05/2009
العمر : 41
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى